السر الذي أخفته فنلندا عن العالم
- أغسطس 18, 2025
- Posted by: fareed.shakhatreh
- Category: Technology

كيف قادت البنية التحتية للتعليم عبر الإنترنت إلى تفوق طلابها
ما هو السر الذي أخفته فنلندا عن العالم والذي له ارتباط شديد بتفوق طلابها؟
الإجابة قد تصدم الكثيرين: فنلندا قامت ببناء بنية تحتية رقمية للتعليم عبر الإنترنت قبل العالم كله. فبين عامي 2000 و 2010، بدأت فنلندا بإنشاء منصات تعليمية متكاملة للطلاب والمعلمين على حد سواء. كانت هذه المنصات تسمح برفع الدروس المسجلة، ومواد PDF، والاختبارات عبر الإنترنت، لتسهيل عملية التعليم وتقليل العبء على المعلمين والطلاب. ولم تكتفِ بذلك، بل قامت أيضًا بتدريب المعلمين على استخدام هذه الأدوات الرقمية والمنصات التعليمية بفعالية. هذا الجانب، الذي لم تركز عليه فنلندا بشكل علني، كان سببًا رئيسيًا لتفوق طلابها، وحاولت قدر الإمكان إخفاءه للحفاظ على ميزة تنافسية عن باقي دول العالم.
ولكن في عام 2019، ومع تفشي جائحة كورونا، تم نشر دراسة صادمة للمرة الأولى، حيث تبين أن التعليم عبر الإنترنت وبناء البنية التحتية الرقمية حسّن من أداء الطلاب بشكل كبير. أظهرت الدراسة أن الطلاب الذين يدرسون عبر الإنترنت يفهمون بنسبة تتراوح بين 25% و 60% مقارنة بالدراسة الصفية التي لا تتجاوز 8% إلى 10%. ويعود ذلك إلى القدرة على إعادة القراءة، وإعادة تشغيل الفيلم، والرجوع للخلف، والتخطي للأمام، وتوقيف الفيلم، والتسريع، مما يتيح للطالب الدراسة في الوقت الذي يناسبه وبناءً على وتيرته الخاصة وحالته المزاجية. كما أن التعلم الإلكتروني يتطلب وقتًا أقل بنسبة 40% إلى 60% للتعلم، حيث يمكن للطلاب التعلم بشكل أسرع من الطرق التقليدية (المنتدى الاقتصادي العالمي: https://www.weforum.org/stories/2020/04/coronavirus-education-global-covid19-online-digital-learning/).
لولا جائحة كورونا، لما تم اكتشاف هذا السر الذي يرفع من مستوى جودة الطلاب. ولكن للتعرف على المزيد من هذه الأسرار، تابعني في هذه المقالة، وسأقدم لك مصادر عالمية من جامعات فنلندية وأيضًا جامعات عالمية تكشف سرًا من أسرار نجاح فنلندا، وكيف أنها سبقت العالم في بناء البنية التحتية الرقمية للطلاب والمعلمين.

فوائد التعليم عبر الإنترنت للطلاب: دراسات عالمية وفنلندية حول تطوير الأداء
شهدت أنظمة التعليم في السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا نحو التعليم عبر الإنترنت، مدفوعًا بجائحة كوفيد-19 وما تلاها من تطورات تكنولوجية. لم يعد التعليم عبر الإنترنت مجرد حل مؤقت، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التعليم الحديثة. عند دمجه مع التعليم الحضوري التقليدي، يظهر التعليم عبر الإنترنت إمكانات كبيرة في تحسين أداء الطلاب وتوفير مرونة أكبر لكل من الطلاب والمعلمين. نستعرض في هذا المقال دراسات عالمية وفنلندية حول تأثير التعليم عبر الإنترنت على أداء الطلاب، وكيف يمكن أن يساهم في تعزيز جودة التعليم بشكل عام.
1. دمج التعليم عبر الإنترنت مع الحضور الصفي: تعزيز الأداء الأكاديمي
تشير الأبحاث إلى أن دمج التعليم عبر الإنترنت مع التعليم الحضوري يمكن أن يحسن أداء الطلاب بشكل ملحوظ. في فنلندا، على سبيل المثال، وجدت دراسة نشرتها جامعة هلسنكي أن استخدام المنصات التعليمية الرقمية والاختبارات الإلكترونية بالتزامن مع الحضور الصفي أدى إلى تحسين نتائج الطلاب مقارنة بالتعليم التقليدي وحده. وقد أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في فهم الطلاب للمفاهيم المعقدة وقدرتهم على تطبيقها. (المصدر: Niemi, H., & Multisilta, J. (2016). Digital learning environments in Finnish schools: Towards student-centered learning. Learning, Media and Technology, 41(1), 55-70.)
وأكدت الدراسة على أن الدروس المسجلة تتيح للطلاب فرصة مراجعة المواد الدراسية بشكل متكرر، مما يعزز فهمهم المتعمق للمفاهيم. بالإضافة إلى ذلك، تساعد الاختبارات الرقمية الطلاب على تقييم مستمر لمستواهم، مما يحسن من أدائهم في الاختبارات النهائية.
كيف يعمل التعلم المدمج على تحسين الأداء؟
- التكامل بين التعليم الحضوري والرقمي: يمكن للطلاب الاستفادة من التفاعل المباشر في الفصل الدراسي، بينما يوفر التعليم عبر الإنترنت مرونة في المراجعة والتعلم الذاتي.
- تخصيص التعلم: يمكن للمنصات الرقمية توفير مواد تعليمية مخصصة بناءً على احتياجات كل طالب، مما يساعد في تحسين الفهم والاستيعاب.
- تحسين المشاركة: الأدوات التفاعلية مثل المحاكاة والاختبارات الرقمية تجعل التعلم أكثر جاذبية وتفاعلية.
2. المرونة في التعليم: توفير الوقت والجهد
تعد المرونة من أبرز المزايا التي يوفرها التعليم عبر الإنترنت لكل من الطلاب والمعلمين. كشف تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن الطلاب الذين يستخدمون المنصات التعليمية عبر الإنترنت يشعرون بقدرة أكبر على إدارة وقتهم بفعالية، مما يمكنهم من التركيز على المجالات التي تحتاج إلى تطوير. (المصدر: OECD. (2020). Education at a Glance 2020: OECD Indicators. OECD Publishing.)
كيف تعزز المرونة من تجربة التعلم؟
- إدارة الوقت: يمكن للطلاب تحديد أوقات الدراسة التي تناسبهم، مما يسمح لهم بالتركيز بشكل أفضل.
- التعلم الذاتي: الطلاب يمكنهم اختيار المواد التي يرغبون في دراستها أولاً، مما يوفر لهم تحكمًا أكبر في عملية التعلم.
- تقليل التوتر: المرونة في التعلم تساعد الطلاب على تقليل التوتر الناتج عن الالتزام بجدول زمني صارم.
وفي السياق الفنلندي، أشارت دراسة إلى أن المعلمين الذين يستخدمون المنصات التعليمية عبر الإنترنت يتمكنون من تخصيص المزيد من الوقت للتفاعل الفردي مع الطلاب، بدلًا من قضاء الوقت في إعداد الدروس التقليدية. هذا التفاعل الفردي يسهم في تعزيز فهم الطلاب للمواد الدراسية. (المصدر: Halinen, I., & Järvelä, S. (2008). Towards adaptive e-learning environments: A case study of Finnish teachers’ conceptions. Computers & Education, 50(1), 112-129.)
3. تعزيز سمعة المدارس وجودة التعليم
إن تبني المدارس لأنظمة التعليم المدمجة (عبر الإنترنت وحضوريًا) يعود بالفائدة على الطلاب والمدرسة على حد سواء. وجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد أن المدارس التي تستخدم المنصات التعليمية عبر الإنترنت تشهد زيادة في نسبة الطلاب الذين يحققون نتائج عالية في الاختبارات الموحدة. هذا التحسن في الأداء الأكاديمي يعزز سمعة هذه المدارس ويجعلها أكثر جاذبية للطلاب وأولياء الأمور. (المصدر: Means, B., Toyama, Y., Murphy, R., Bakia, M., & Jones, K. (2010). Evaluation of evidence-based practices in online learning: A meta-analysis and review of online learning studies. U.S. Department of Education.)
وفي فنلندا، تشير البيانات إلى أن المدارس التي تعتمد على التعليم المدمج تشهد زيادة في نسبة الطلاب الذين يلتحقون بالجامعات مقارنة بالمدارس التي تعتمد على التعليم التقليدي فقط.
كيف تعزز المنصات الرقمية سمعة المدارس؟
- تحسين النتائج الأكاديمية: المدارس التي تستخدم المنصات التعليمية شهدت تحسنًا في نتائج الطلاب، مما رفع من سمعتها.
- جذب الطلاب: المدارس التي تتبنى تقنيات التعليم الحديثة تصبح أكثر جاذبية للطلاب وأولياء الأمور.
- تحسين جودة التعليم: المنصات التعليمية توفر أدوات تعليمية متطورة تساعد في تحسين جودة التعليم بشكل عام.
4. الاختبارات الرقمية: تحسين الأداء من خلال التقييم المستمر
تعتبر القدرة على إجراء اختبارات رقمية متكررة من الجوانب الهامة في التعليم عبر الإنترنت. تشير الأبحاث إلى أن الطلاب الذين يخضعون لاختبارات رقمية بشكل منتظم يحققون تحسنًا في أدائهم مقارنة بالطلاب الذين يعتمدون على الاختبارات التقليدية. (المصدر: Black, P., & Wiliam, D. (1998). Assessment and classroom learning. Assessment in Education: Principles, Policy & Practice, 5(1), 7-74.)
في فنلندا، يلاحظ أن الطلاب الذين يستخدمون الاختبارات الرقمية يتمكنون من تحديد نقاط ضعفهم بسرعة أكبر، مما يساعدهم على تحسين أدائهم باستمرار. هذا النهج يعزز ثقة الطلاب بقدراتهم الأكاديمية.
كيف تعمل التقييمات الرقمية على تحسين الأداء؟
- التقييم الفوري: الاختبارات الرقمية توفر نتائج فورية، مما يسمح للطلاب بمعرفة نقاط الضعف لديهم على الفور.
- التكرار: يمكن للطلاب إجراء الاختبارات أكثر من مرة، مما يساعدهم على تحسين أدائهم بشكل تدريجي.
- تخصيص التعلم: بناءً على نتائج الاختبارات، يمكن للطلاب التركيز على المناطق التي يحتاجون إلى تحسينها.
5. التعليم عبر الإنترنت ومنصات التواصل: تحسين التفاعل بين الطلاب والمعلمين
أدوات التواصل عبر الإنترنت تساهم في تحسين التفاعل بين الطلاب والمعلمين، حتى خارج الفصل الدراسي. تشير الدراسات إلى أن الطلاب الذين يشاركون في جلسات افتراضية يشعرون بقدرة أكبر على طرح الأسئلة بفعالية مقارنة بالحضور الصفي التقليدي.
وفي فنلندا، يرى المعلمون الذين يستخدمون أدوات التواصل عبر الإنترنت أنهم قادرون على تقديم ملاحظات فردية للطلاب بسرعة أكبر، مما يحسن من أدائهم الأكاديمي.
تجاوز المسافات: تعزيز المشاركة من خلال التواصل عبر الإنترنت
في حين أن التعلم عبر الإنترنت قد يُنظر إليه أحيانًا على أنه معزول، فإن الاستخدام الفعال لأدوات الاتصال عبر الإنترنت يمكن أن يعزز بالفعل اتصالًا ومشاركة أكبر بين الطلاب والمدربين. يمكن لمنصات مثل مؤتمرات الفيديو ومنتديات المناقشة وأدوات تحرير المستندات التعاونية تسهيل التفاعل في الوقت الفعلي وتشجيع التعلم بين الأقران وخلق شعور بالانتماء للمجتمع داخل بيئة التعلم عبر الإنترنت.
كيف تعزز الأدوات الرقمية التفاعل؟
- طرح الأسئلة بسهولة: الطلاب الذين قد يشعرون بالخجل في الفصل الدراسي يمكنهم طرح الأسئلة بشكل أكثر راحة عبر المنصات التعليمية.
- الملاحظات الفردية: المعلمون يمكنهم تقديم ملاحظات فردية للطلاب بشكل أسرع، مما يساعد في تحسين أدائهم الأكاديمي.
- التواصل المستمر: يمكن للطلاب التواصل مع المعلمين خارج أوقات الدروس الرسمية، مما يوفر دعمًا إضافيًا.
6. الدور الريادي لفنلندا: دراسة حالة في الابتكار التعليمي
لطالما كانت فنلندا معترف بها كدولة رائدة عالميًا في مجال التعليم، حيث تحتل باستمرار مرتبة بين الدول الأفضل أداءً في التقييمات الدولية. أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في نجاح فنلندا هو استعدادها لتبني الابتكار وتجربة أساليب جديدة للتعليم والتعلم.
في السنوات الأخيرة، كانت فنلندا في طليعة دمج التعلم عبر الإنترنت في نظامها التعليمي. رادت المدارس الفنلندية في استخدام منصات التعلم الرقمية والمحاكاة التفاعلية وأدوت التقييم عبر الإنترنت لتعزيز مشاركة الطلاب وتخصيص التعلم وتعزيز مهارات التفكير النقدي.
كيف تطبق فنلندا التعليم الرقمي؟
- التعلم المتمحور حول الطالب: التركيز على احتياجات الطلاب الفردية وتوفير مواد تعليمية مخصصة.
- التعاون بين الطلاب: تشجيع الطلاب على العمل معًا في مشاريع تعليمية عبر المنصات الرقمية.
- الأنشطة القائمة على المشاريع: استخدام المشاريع التفاعلية لتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع.
7. الخلاصة: تبني مستقبل التعليم
مع استمرار التكنولوجيا في التطور وتشكيل العالم من حولنا، لا شك في أن التعلم عبر الإنترنت سيلعب دورًا متزايد الأهمية في التعليم. من خلال تبني نهج التعلم المدمج، والاستفادة من المرونة والتخصيص الذي توفره المنصات عبر الإنترنت، وتعزيز الروابط الهادفة بين الطلاب والمعلمين، يمكننا إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للتعلم عبر الإنترنت لتحويل التعليم وتمكين الطلاب من الازدهار في القرن الحادي والعشرين. تقدم الدروس المستفادة من الجهود الرائدة التي تبذلها فنلندا خارطة طريق قيمة للدول الأخرى التي تتطلع إلى تسخير قوة التعلم عبر الإنترنت لخلق مستقبل أكثر إشراقًا للجميع.
عند دمج التعليم عبر الإنترنت مع التعليم الحضوري، فإنه يمثل أداة قوية لتحسين أداء الطلاب. تشير الدراسات الفنلندية والعالمية إلى أن هذا النهج يساعد الطلاب على مراجعة المواد الدراسية بفعالية أكبر، وإجراء اختبارات رقمية متكررة، وتحسين تفاعلهم مع المعلمين. بالإضافة إلى ذلك، يساهم هذا النهج في تعزيز سمعة المدارس وتحسين جودة التعليم بشكل عام.
